السبت، 17 مايو 2014

شنطة سفر


وتمضى الساعات الاخيرة قبل رحيله الى عالمه الجديد عليها كانها ثوانى تنظر الى الايام التى قضاها معها وكانها يوم واحد وكان الوقت سرق منها تنظر اليه وتسمع صوتها ابنى ستذهب مرة احرى وتبعد عن الديار التى جعلتها روضه بوجودك فيها انفساك التى كانت تدفئ برودتنا فى الجو القارس وبسمتك التى كانت تشع بنورها فتحول هذا الظلام الدامس الى نور يملأ قلوبنا بهجه هذا الود اللذى ملآت به اركان حياتى والروح اللتى جعلتها تسرى فى صحراء عمرى تسمع الصوت وهى تنظر الى وجهه وهو نائم كالملاك يخفق قلبها يكاد يخرج منها يقول لو كان بيدى ما تركت ترحل عنا ولكن هذا قدر الله ومستقبلك هذة سنه الحياه تملا الدموع عينها وتحاول ان تمنعها حتى لا تحرمها نظراتها اليه لثوانى لكى تشبع من هذا الوجه المضئ تنظر الى جبهته وتدعوا الله الا يحرمه من سجودة عليها وان يحفظه وتزيد دموعها وتسمع من اللذى سينبهك ويقول لكى صلى للجماعه ساحرم هذا حبيبى كم كنت مصدر سعادة وقرب الى الله وتدعوا الله ان يرزقه الصحبه الصالحه وان يتغمدة برحمه واسعه فيكون سبحانه حافظه ومدبراموره

يفتح عينيه وكان شيئا نبهه ان امه حبيبته تقف بجانبه تتامل وجهه وكأنها تريد ان تتشبع من رؤيته قبل ان يذهب بعيد عنها وتحرم من هذة النعمه
 ينظر اليها ويبتسم لها وتسمع قلبه يناديها امى تعى بجوارى ويتزحزح ليفسح لها مجالا وهو ينظر اليها ويتعجب من هذا الحب وهذا القلب ويتذكر حب رب العالمين خالقنا كيف بنا لا نطمع فيه سبحانه ورحمته كبيرة فكل  هذالحب من امى جزء من حبه لنا بل ذرة وكانها تسمعه وكانهما متصلين على نفس الموجه تتذكر  هى الاخرى وتبتسم له والدموع تملا عينيها
فيضع راسه على كتفها  ويمسك بيدها يقبلها وتضع وجهها على راسه ويسكت الكلام فلا شئ يستطيع عن يعبر عما يشعرون به الا نظراتهم التى كانت تقول الكثير والكثير وكم كل  منهما ممنون ويشكر رب العالمين على وجودة فى حياه الاخر
 يقبل يدها برقه وبيدة الاخرى يمسح دموعها التى تتساقط من عينيها وتحاول ان حبسها ويمزح معها كعادته ليخفف عنها فدموعها اللتى تلمس يدها كانها نار تحرق قلبه على فراقها ولكنها الحياه التى يجب ان تستمر
 يقطع عليها ويقول احمد الله يا امى ان نهر الدموع لم يقفل حتى اغسل وجهى اليوم باغلى دموع  دموع  حبيبتى وتبتسم وتضمه وتسمع انفاسه التى تتسارع مع دقات قلبه وتحضن مشاعرة وهو يحاول ان يتماسك ويقول لها فقط وقت لما تحبى تشوفينى غمضى عيونك الجميله ساعات وتلاقينى فى حضنك امى تدعو له بصوتها المخنوق من السهر والبكاء والارهاق من التفكير ان تشغله الحياه ويضيق وقته فلا يجد متسع لزيارتها
 ولكن دائما هو الاذكى المحب الودودو لها المطمئن يقبل يدها وياوى براسه فى حضنها ويقول لها اطمأنى امى فى مكان اجد فيه راحتى وسكينتى ولا اجد نفسى وتهدا روحى الا على ذراعيكى بجوارقلبك امى اسمع دقاته كمعزوفه تنادينى لاستريح من عناء الحياه لا راحه لى الا فى هذا الوطن  الامن  فهذا الحنان والحب اللذى يتلالا فى عينيكى يحتوينى وساظل هذا الطفل اللذى لا يهدأ الا فى حضنك امى مهما كبرت  وشاب شعر راسى ساظل احتاج الى هذا الحضن الدافئ لاتوارى فيه من قسوة برودة الايام
ويبدا قران الفجر وهو فى حضنها ويسمعا ورحمتى وسعت كل شئ ويقطع صمتهما الظاهرى اذان الفجر وهو يقول لها لا تخافى ولا تخزنى امى حبيبتى فلطالما تدعو لى كل وقت فالله حافظى ولطالما  هذا الحضن الدافئ فى استقبالى فانا من مريد هذا الوطن الحنون  وساقف دائما على بابه  ارجو حبك ومسامحتى ورضاكى امى واسال الله الا يحوجكى الى احد من عبادة  حتى انا
حتى انا ابنك حبيبتى ويوم تحتاجينى كونى على يقين حبيبتى  انى تحت قدميكى  فانا  اللذى بحاجتك وساسعى اليكى مهرولا لان منفعتى الابديه معك فدحولى الجنه متوقف على راضاكى تقبل جبهته وهو يقبل يدها وتقول له أذهب صلى وساصلى وانتهى من وردك حتى تعود لاصلى الضحى خلف ابنى وقف ورمى نفسه فى حضنها فلم يعد يتحمل كل هذة المشاعر ولاحول له ولاقوة  الا ان يلقى بنفسه فى حضن هذا الوطن لتحتويه  بمشاعرة بكل الثورة التى  فى داخله  لتهدا فاختلطت دموعهما
فهمست له وانت تخرج منى احتلطت دماءنا وقطع الحبل السرى اللذى كان يربطنا وتتغذى منه واليوم تنفصل عنى وتختلط دموعنا عسى الله ان يربط بيبننا بحبل من المودة والرحمه لا ينقطع ابدا
قبل راسها ويدها وذهب لصلاه الفجر وعاد ليجدها تنتظرة  لصلاه الضحى فصليا وحمل حقيبته وسافر وهو لا يدرى انه  يحمل  حقيبه  سفرة و بين اغراضه قلب لا ينساه لحظه ولا يكل ولا يمل الدعاء له يحمل معه قلب يحمله هو بداخله  يذهب به ويعود معه فى حقيبه سفرة
رحمك الله يا امى وكل ام وغرس الرحمه فى قلوب كل الابناء
بقلم الدكتورة حنان لاشين
بنت سينا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق